31‏/10‏/2010

عن رحلته من الشك إلي الإيمان ( الحلقه الثالثه )


(حوار حدث في مخيلتي )

كان ذلك في الثالثه بعد منتصف الليل كنت أسير متهاديا بخطوات رتيبه في طريقي إلي تلك الضفه التي أجلس عندها عندما أريد أن أمارس عباده الوحده وطقوس الصمت

جلست شاردا أنظر إلي المياه فوجدت عقلي يحدثني قائلا : أنت علي صواب فلم يكن مافيه " مصطفي محمود " إلحادا ً بل كان شكً ،

؟ فأجبته سائلا : ولكن كيف ذلك؟

فقال لي : إن ما كان فيه ما كان إلا تمرداً علي المسَّلمات التي ولدنا بها والدليل علي ذلك أن المقربين منه قالوا أنه لم ينقطع علي الصلاة يوما .. فكيف يحسب ملحداً ؟؟

وكيف ينكر وجود الله ويصلي له بأي شكل ؟؟

وكيف أيضا وقد قيل عنه أنه إذا كان مصطفي محمود قد ألحد ، فإنه كان يلحد علي سجادة الصلاه

" الشاعر الراحل كامل الشناوي "

وليس الشك كفراً لأن الشك من الممكن أن يتسلل إلي قلب الأنسان دون أن يشعر ومن دون إرادته أو تدخله في ذلك !!

فشعرت ببعض القبول في داخلي

فأردف عقلي مسترسلا في سيل من جدالاته مع نفسي قائلا : ألم يكن سيدنا " إبراهيم " خليل الله نبيا

ويهبط عليه وحي من الله فأي برهان أكثر من ذلك ،

وبالرغم من ذلك فقد تسلل بعض الشك إلي قلبه

فيذكر لنا القرأن ذلك صراحه فيقول الخليل إلي ربه: "

"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" البقره ( 260)

فبالرغم من كونه نبيا فقد ألقي الشيطان بذور الشك في نفسه

فألهبت فضوله وأيقظت الريبه في قلبه والدليل علي ذلك

قول الله تبارك وتعالي :"أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي"أي أن قلبه به بعض الشك

لا الكفر !!

وكليم الله " موسي " عليه السلام ألم يطلب من الله أن يراه ، فقال له الله جل وعلا

سوف أتجلي علي جبل فإذا تثبت وإحتمل ستراني ، وماأن تجلي الله مجرد تجلي ،

فخر الجبل وإهتز وتهدم وسقط موسي عليه السلام من الجبل !!

الم يكن هو أيضا نبيا وكليما لله . فماذا بعد ذلك ،

وبالرغم من ذلك إندلع الشك في قلبه وطلب أن يري الله !!

فأجبت في نفسي موافقا : نعم نعم معك حق ، ولكن ما سر هذه الرحله العجيبه

للطفل العميق والسؤال الحائر " مصطفي محمود " ؟؟

فأنا أري أنه لم يختار عنوانا لكتابه الرائع الذي أجاب فيه عن فضول الناس

وأزال الغواشي عن عقولهم ليعرفوا حقيقه الحاده إلا " رحلتي من الشك إلي الايمان"

ولم يقل من الالحاد إلي الإيمان فشتان بين الشك والإلحاد.

فإنه فقط كان يسئل تلك الأسئله التي كنا نسئلها ونحن صغارا في بلاهه .ولكنها لم تكن أسئله بلهاء مطلقا ، فهل جميعنا كنا أطفالا ملحدين ؟؟

وما سر هذا الشك وما سر رحله الفكريه الشائكه المتشككه؟؟

غارقا انا في أفكاري وجدال نفسي وعقلي ومقارعه الحجج بينهم ، فسمعت صوت الناي العذب،

يعزف في حزن وشجن وجمال وعذوبه ، فإلتفت لأنظر من أين يأتي مصدر الصوت

فوجدت دكتور مصطفي محمود أمامي

!!

فلم أصدق ما أراه وهرعت اليه مهرولا .. وكأني وجدت كنزاِ أبحث عنه منذ سنوات مضت !

فسألته قائلا: قل لي .. حدثني .. لماذا يقول الناس عنك أنك الحدت ؟؟

فأنا أذكر أنه في مقدمه كتابك " رحلتي من الشك إلي الإيمان " إبتدأت الكتاب بقولك :

عالم اليوم الذي نولد فيه هو عالم من الشك والارتياب، لاشيء في عالمنا يوحي بالثقه والأمان

الظلم والعدوان والغدر وغلبه القوي علي الحق هو السائد في نطاق السياسه .

الاديان تراجعت إلي منطقه الظل .. والحق أصبح يتيم الابوين !

المخدرات تباع علناً علي الارصفه في هولندا .. ودعارة الأطفال يروج لها علنا في بلجيكا .

والمسيح يعاود الظهور لكن في مسارح الكوميدي فرنسيز !

والانترنت مجال مباح للجنس والعري والشذوذ والزني والقمار !!

وفي هذا الجو الموبوء يمشي الدين يتحسس طريقه إلي جوار الحائط ،

والحق اليتيم يحتاج إلي كوكبه من فطاحل المحاميين للدفاع عنه ،

والخروج من الشك القاتل يحتاج إلي تعبئه عقليه وروحيه كامله .فقل لي لماذا تولد الشك لديك ؟؟

فعدل من وضع نظارته علي أنفه في هدوء ونظر لي قائلا :

لم يكن الأمر سهلاً .. لأني لم أشأ أن أخذه مأخذا سهلا ً

وإحتاج الامر إلي ثلاثين سنه من الغرق في الكتب و آلاف الليالي من الخلوة و التأمل و الحوار مع النفس وإعادة النظر ثم إعادة النظر في إعادة النظر .. ثم تقليب الفكر على كل وجه لأقطع فيها الطريق الشائكة من الله و الإنسان إلى لغز الحياة إلى لغز الموت إلى ما أكتب من كلمات على درب اليقين

و لو أني أصغيت إلى صوت الفطرة و تركت البداهة تقودني لأعفيت نفسي من عناء الجدل .. و لقادتني الفطرة إلى الله .. و لكنني جئت في زمن تعقد فيه كل شيء و ضعف صوت الفطرة حتى صار همساً وارتفع صوت العقل حتى صار لجاجة و غروراً و اعتداداً .. و العقل معذور في إسرافه إذ يرى نفسه واقفاً على هرم هائل من المنجزات و إذ يرى نفسه مانحاً للحضارة بما فيها من صناعة و كهرباء و صواريخ و طائرات و غواصات و إذ يرى نفسه قد اقتحم البر و البحرو الجو و الماء و ما تحت الماء .. فتصور نفسه القادر على كل شيء و زج نفسه في كل شيء و أقام نفسه حاكماً على ما يعلم و ما لا يعلم .

و كانت الصيحة التي غمرت العالم هي .. العلم .. العلم .. العلم .. و لا شيء غير العلم

النظرة الموضوعية هي الطريق

لنرفض الغيبيات و لنكف عن إطلاق البخور و ترديد الخرافات

من يعطينا دبابات و طائرات و يأخذمنا الأديان و العبادات ؟؟

و كان ما يصلنا من أنباء العلم الغربي باهراً يخطف أبصارنا و كنا نأخذ عن الغرب كل شيء

الكتب و الدواء و الملابس و المنسوجات والقاطرات و السيارات و حتى الأطعمة المعلبة

حتى قلم الرصاص و الدبوس و الإبرة حتى نظم التعليم و قوالب التأليف الأدبي

من قصة و مسرحية و رواية حتى ورق الصحف

و حول أبطال الغرب و عبقرياته كناننسج أحلامنا و مثلنا العليا .. حول باستير و ماركوني و رونتجن و أديسون .. و حول نابليون و إبراهام لنكولن .. و كرستوفر كولمبس و ماجلان

كان الغرب هو التقدم .و كان الشرق العربي هو التخلف و الضعف و التخاذل والإنهيار تحت أقدام الاستعمار

و تعلمت ماتعلمت في كتب الطب .. النظرة العلمية .. و أنه لا يصح إقامة حكم بدون حيثيات من الواقع و شواهد من الحس .و أن العلم يبدأ من المحسوس و المنظور و الملموس و أن العلم ذاته هو عملية جمع شواهد واستخراج قوانين .و ما لا يقع تحت الحس فهو في النظرة العلمية غير موجود .و أن الغيب لا حساب له في الحكم العلمي .بهذا العقل العلمي المادي البحت بدأت رحلتي في عالم العقيدة وبالرغم من هذه الأرضية المادية والانطلاق من المحسوسات الذي ينكر كل ما هو غيب

فإني لم أستطع أن أنفي أو أستبعد القوةالإلهية

منجذب الأنتباه لحديثه وقلت : إذن نظرتك لله كانت علميه ماديه فحسب أم ماذا ؟؟

وبعد ذلك كيف تغير تصورك وعرفته ؟؟

فسكت هنيهه ثم قال : من بعد ممارستي لليوجا ومعرفتي بوحده الوجود الهنديه والتجريدات الصوفيه

افقت علي حاله من عدم الرضا وعدم الاقتناع

واعترفت بيني وبين نفسي أن هذه الفكرة عن الله فيها الكثير من الخلط .

ومرة أخرى كان العلم هودليلي ومنقذي ومرشدي .

عكوفي على العلم وعلى الشريحة الحية تحت الميكرسكوب قال لي شيئاً آخر

و مرة أخرى نتعلم من الفلك و الكيمياء و العلوم النووية أن الكربون ذاته

و كذلك جميع العناصر المختلفة جاءت من طبخ عنصر واحد في باطن الأفران النجمية الهائلة هو الآيدروجين .

الآيدروجين يتحول في باطن الأفران النجمية إلى هليوم وكربون و سليكون و كوبالت و نيكل و حديد

إلى آخر قائمة العناصر و ذلك بتفكيكه وإعادة تركيبه في درجات حرارة و و ضغوط هائلة .

و هذا يرد جميع صنوف الموجودات إلى خامة واحدة .. إلى فتلة واحدة حريرية غزل منها الكون

في تفصيلات و تصميمات و طرز مختلفة .و الخلاف بين صنف و صنف و بين مخلوق و مخلوق

هو خلاف في العلاقات الكيفية و الكمية .. في المعادلة و الشفرةالتكوينية .. لكن الخامة واحدة ..

و هذا سر الشعور بالنسب و القرابة و المصاهرة وصلة الرحم بين الإنسان و الحيوان

و بين الوحش و مروضه و بين الأنف التي تشم والزهرة العاطرة و بين العين و منظر الغروب الجميل .

هذا هو سر الهارموني و الانسجام .

إن كل الوجود أفراد أسرة واحدة من أب واحد.

و هو أمر لا يستتبع أبداً أن نقول أن الله هو الوجود , و أن الخالق هو المخلوق

فهذا خلط صوفيّ غير وارد .و الأمر شبيه بحالة الناقد الذواقة الذي دخل معرضاً للرسم

فاكتشف وحدة فنية بين جميع اللوحات .. و اكتشف أنهاجميعاً مرسومة على الخامة نفسها ..

و بذات المجموعة الواحدة من الألوان , و أكثر منهذا أن أسلوب الرسم واحد .

والنتيجة الطبيعية أن يقفز إلى ذهن الناقد أن خالق جميع هذه اللوحات واحد .

و أن الرسام هو بيكاسو أو شاجال أو موديلياني .. مثلاً ..

فالوحدة بين الموجودات تعني وحدة خالقها .و لكنها لا تعني أبداً أن هذه الموجدات هي ذاتها الخالق .

و لايقول الناقد أبداً إن هذه الرسوم هي الرسّام .

فقلت : وماذا أيضا ؟؟

فتنهد وقال : أن الكون ليس أزليا ، وإنما هو كون مخلوق كان له بدء بدليل أخر من قاموس العلم

"هو ما نعرفه بإسم " القانون الثاني للديناميكا الحراريه "ويقرر هذا القانون أن الحراره تنتقل من الساخن إلي البارد

من الحراره الاعلي إلي الحراره الادني حتي يتعادل المستويان فيتوقف التبادل الحراري.

ولو كان الكون أبديا أزليا بدون إبتداء لكان التبادل الحراري قد توقف في تلك الأباد الطويله

المتاحه وبالتالي لتوقفت كل صور الحياه ، ولبردت النجوم وصارت بدرجه حراره

الصقيع والخواء حولها وإنتهي كل شيء !!

منبهرا قلت : نعم ما أجمل العلم فهو حقا يرشد أولي الالباب ويدعوهم للتأمل والنظره العميقه المحقه

المجرده من الانحياز في كون الله ويرشدهم إلي أصل كل شيء وإلي الفطره المنسيه

فقال : نعم إن العلم الحق لم يكن أبداً مناقضا للدين بل أنه دال عليه مؤكد لمعناه

وإنما نصف العلم بأنه هو الذي يوقع العقل في الشبهه والشك ، وبخاصه إذا كان العقل مزهوا بنفسه

معتداً بعقلانيته ، وبخاصه إذا دارت المعركه في عصر يتصور فيها العقل أنه كل شيء .

وأردف قائلا : ولهذا كانت رحلتي من الشك إلي الايمان ضروره وكان إصدارها في هذا الوقت

في طبعات جديده أمر لابد منه ، فالإيمان أصبح إكسير الحياه ، وجرعه الإفاقه أصبحت

الجرعه الضروريه في هذا العصر المسموم.

ولا مخرج لك من الجنون إلا إيمانك ويقينك بأن هناك خالقا عادلاً وقادراً وعظيما ً خلق هذا العالم ،

وأنه قدر الحساب والعقاب علي كل ظالم وأنه لا مهرب ولا مفر من إظهار الحق وإحقاق الحق .

وأن عمل كل منا سوف يطارده من المهد إلي أللحد وإنه طائره المعلق في عنقه ...

فقلت في إرتياح : لهذا قرأت كتابك " رحلتي من الشك إلي الإيمان " فإنه ليس مجرد كتاب ،

بل هو إبحارا في رحلات أجواءها عاصفه وطقسها بارد مخيف مظلم ، في سفينه لا تعرف أين طريقها بل تتحسسه

في الظلمات ، حتي أراد الله بها خيرا فأنار لها فناراً أضاء دروبها ومسالكها ،

فسلكت طريقها في رشد وإنقشع الضباب والرياح والإظلام ورسمت عن طريقه

خريطه الفهم والفطره والوعي واليقين .

فساد الصمت هنيهه فقال: وجوابا علي الذين يسألون في حيرة : لماذا خلقنا الله ؟ لماذا أوجدنا في هذه الدنيا ؟

وما حكمه العذاب الذي نعانيه ؟

فيجيب القرأن بمجموع أياته .. أن الله أنزل الانسان إلي الدنيا بفضول مفطور فيه .. ليتعرف علي مجهولاتها

ثم يتعرف علي نفسه ومن خلال إدراكه .. لنفسه يدرك ربه ..

ويدرك مقام هذا الرب الجليل فيعبده ويحبه وبذلك يصبح أهلا لمحبته وعطائه ..

ولهذا خلقنا الله لهذا الهدف النهائي .. ليحبنا ويعطينا .. فهو يعذبنا ليوقظنا من غفلتنا فنصبح أهلا لمحبته وعطائه .

بالحب خلق

وللحب خلق

.. وللحب يعذب

تبارك الله وتعالي في سماواته ، الذي خلقنا بإسمه الرحمن الرحيم .

فدمعت عيناي ونظرت إلي السماء وقلت : يارب ثبت قلوبنا وإلهمنا العلم بك واليقين الذي تقطع به الطريق علينا اليك

لترحمنا من عذاب نفوسنا وشكوكنا ، وأن تداوينا من أسقام أنفسنا ، وأن تأخذنا اليك منا ،

وأن ترجعنا اليك علي فطرتنا السليمه النقيه لنكون أهلا لعبادتك

فأفقت علي صوت الكروان يشدو : الملك لـــك .. يا صــاحب المــلـك

فإبتسمت دامعا وقلت : رحم الله علمائنا .. رحم الله الفقير إلي الله رجل العلم والايمان

رحم الله دكتور مصطفي محمود

تمت

31/10/2010

يوم ذكراه 

....

علي الهامش

.............

عذرا علي الاطاله لكني حاولت إختصار الكتاب لكن ماعرفتش

لإني كده هظلم الكتاب وهيحتاج يتعمل ليه بوستات كتير

بس أنصح اي حد قرأ النوت إنه يقرا الكتاب ده

لإن بجد الكتاب تحفه وكنز بجد

أتمني تعجبكم

ومش عارف إذا كان هيبقي في حلقات تانيه ولا لا

تحياتي للجميع

29‏/10‏/2010

إلحاد مصطفي محمود بالأمس وملحدي اليوم ( الحلقه الثانيه )


في الغسق كنت أقف فوق سطح منزلنا ، ذلك الجو المحبب إلي النفس الذي يدعوك للتفكير

والتأمل فسرحت في الأفق هائما أفكر.ما الفرق بين إلحاد " مصطفي محمود" وملحدي اليوم

فيجيبني عقلي إن ملحدي اليوم كالأنعام لا يفقهون شيئا ، بل إنهم مجرد مشجعين

يصفقون لبعض النظريات التي يتخذونها مسلمات إثباتا لبدايه الكون وأصل الوجود

ويتخدونها برهانا علي عدم وجود رب خالق لهذا الكون ولكل شيء !!

فيستندون إلي نظريه داروين أو نظريه التطور ويستندون إلي بعض النظريات

التي لا يستطيع أحدا أن يثبت صحتها بصوره قاطعه لأن النظريات ماهي إلا مجرد تجارب

وتخمينات لا نستطيع أن نجزم بعدها بثبوت حقيقه نهائيه لشيء أو نملك دليلاً دامغا علي صحته!!

فعندما تسئلهم بعض الأسئله البديهيه ينكرون صوت الفطره في داخلهم وتعلو أصواتهم

ولا يخرج من حناجرهم إلا كثير من الجدل ومزيدا من السفسطه التي لا تقنع دابه

ولا تصل بك إلي أي نقطه للتلاقي ، لأنها مجرد كلمات مبهمه وعبارات فضفاضه

لا تسمي إقناعا أو ذِكرا للحقيقه ، بل هي أقرب إلي فلسفه ممزوجه بالجدل العقيم الامنتهي..

من دون براهين أو ثوابت يستمد منها أو يستند عليها للتأكد من صحه أقوالهم .

أما دكتور " مصطفي محمود " فإنه كان مخالفا لذلك

لم يكن كهؤلاء يريد أن يلحد لمجرد أن يقال عنه أنه مفكراً أو حتي ليحرر نفسه مثلهم

من قيود ونواهي الاديان إنما كان أكثر من ذلك ..

فقرأت يوما عن حكايه له مع شيخ كان يعلمه هو ورفاقه فأدخل في عقولهم بعض الاشياء

التي أحس أنها دجلا ، وأدخلت الشك إلي نفسه وإندلعت الريبه في داخله،

وبدأ يفكر في حقيقه المسلمات التي ولدنا بها جميعا دون تفكير .

وعندما تحاول المقارنه بينه وبين ملحدي اليوم فلا تجد أي وجه للتشابه أو المقارنه

لأنهم في حقيقتهم لم يفكروا تفكيرا حقا أو يتأملوا ولم يحاولوا البحث عن الحقيقه

إنما مطلبهم كان البحث عن مهرب من رقيب يراهم ويسمعهم ويحاسبهم ،

ويشعرون بالاحتياج اليه ، ويشعرون بعبوديتهم إليه، وشعورهم بالذنب إذا أخطئوا،

وبالرغم من ذلك أنهم في حين تجردهم من العبوديه لله وإنكارهم له ،

فإنهم يقعون أساري وعبيدا لأسياد جدد فأصبحوا عبيدا لشهواتهم ورغباتهم ولذنوبهم وأخطائهم !!

أما دكتور " مصطفي محمود" فكان مختلفا في كل شيء فلقد درس الديانات السماويه والارضيه

وتأمل في الطبيعه من حوله يتفكر في كل ما يحيط به .

كان عندما يتأمل في دقه وهندسه الكون وجماله يشعر أنه كالطفل المسحور الذي يفتح عينيه لأول مره

علي الأشياء ، ويدرك ماحوله من جمال لا يتأتي ولا يتكون مطلقا عن طريق الصدفه ،

ويشعر كل مره أنه إكتشف شيئا جديداً ، وكأنه كالضرير لسنوات ثم رأي النور الطريق إلي عينيه !!

فكان مصطفي محمود مولعاً بالفّلك وبالنظر إلي السماء والكواكب والأجرام والنجوم

فكانت قمه سعادته وإمتاعه في لحظات تأمله إلي السماء ،

وإيمانه يترسخ كلما نظر إليها ولما تحويه ، فكان ينظر من خلال الميكروسكوب

فيري ما لم يستطيع غير خالق أن يبدعه في تراص وهندسة وترتيب وتسخير وتوازن وتراكيب .

وعندما بدأ الاطّلاع علي وحده الوجود الهندي والتجريدات الصوفيه وبعد أن عاشها لفتره طويله

لم يشعر بالارتياح والاقتناع تجاه هذا الضباب الهندي وهذه الماريجوانا الصوفيه

واليوجا التي مارسها وتلقي تعاليمها علي أيدي أساتذه هنود.

والتي كان فيها الكثير من الخلط في تصورهم عن الله فهي كثيرا ما كان تخلط وتوحد بين الخالق والمخلوق!

ومره أخري كان العلم هو دليله ومنقذه ومرشده.

وكان عكوفه علي العلم وعلي الشريحه الحيه تحت الميكروسكوب( المجهر )

قالت له شيئا أخر ..قالت له العديد من الحقائق التي أرشدته يوما فيوما إلي الله .

ولم تكن رحله سهله كما يتصور البعض فملحدي اليوم بمجرد أن يطّلعوا علي بعض الاراء السريعه

والنظريات ويستمعون إلي بعض الاراء من هنا ومن هناك ويسيرون خلفها مسلوبي الاراده

ولم تخرج من أفواههم وعقولهم عن تجارب كمحاوله لإثبات صحه كلامهم

وهذا لا يتعدي فترات ضئيله من الوقت.

أما رحله مصطفي محمود فقد إستغرقت ثلاثين عاما !!!

نعم ثلاثين عاما من الغرق في الكتب وألاف الليالي من الخلوه والتأمل

والحوار مع النفس وإعادة النظر ثم إعادة النظر في إعادة النظر ،

ثم تقليب الفكر علي كل وجه لقطع الطريق الشائك من الله والانسان

إلي لغز الحياه إلي ما كتبه بعد ذلك علي درب اليقين

في رحلته من الشك إلي الإيمان

.

فمن يريد البحث عن الله ، فالله يتقرب إليه ويرشده

ويثلج صدره ويلهم فكره ويهدي قلبه ويرسي فيه الطريق اليه المحفور في داخله المفطور فيه منذ ولادته

فـــ" هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ"

فرحم الله رجلاً سائرا هائما في طريق ربه

رحم الله الباحث عن ربه

رحم الله السائل الباحث عن الحقيقه

رحم الله فقيهنا مصطفي محمود

تمت

....

( عذرا علي ذكر مرحله الالحاد لأنها لم تكن كذلك بل كانت مرحله شك وسأقوم بتوضيحها في الجزء الثالث)

إنتظروا الجزء الثالث

23‏/10‏/2010

انا ودكتور مصطفي محمود (الحلقه الاولي في ذكراه)


كان ذلك منذ سنوات.. فمنذ أكثر من إثنا عشر عاما أتذكر أني كنت أقف مع أصدقائي في الشارع المجاور لمنازلنا ، ونتحدث فيما كانت تهتم به عقولنا وأعمارنا حينها ، وعند دقات الساعه العاشره مساءا.كنا نودع بعضنا في عجله ونهرع في الصعود لمنازلنا ، ونرتكز أمام التليفزيون ،
فإذا رأيت ذلك المنظر ستسمع أيضا نغمات ناي" محمود عفت " تسترسل إلي عقولنا وأذاننا وقلوبنا
تنبهنا إلي إبتداء برنامجنا المنتظر أسبوعيا ،

تلك الموسيقي التي أعشقها منذ الصغر ولها وقعا غريبا علي نفسي ، فتشعرني وكأن الدنيا قد تحولت إلي عالم من المعرفه التي تنتظرنا وتسرح معها في الطبيعه وفي كون الله
، وتشعر وكأن الدنيا قد تحولت إلي حلم متناغم لا تريد الاستيقاظ منه ..
إلا عندما يطل علينا دكتور" مصطفي محمود" فيقول بنبرته المعروفه المحببه إلي النفس

" بسم الله الرحمن الرحيم .. أهلا بكم "

ويبدأ في أصطحابك إلي رحلته التي لا تنتهي من فرط الامتاع ، فيذهب بك إلي عالم الطبيعه البكر ، وإلي عالم الحيوان الغريب والعجيب والمليء بالاسرار والمعجزات والعجائب التي عندما تراها
لا تملك إلا أن تقول في إستسلام ودهشه " سبحان الله " !!

ومره أخري يتحدث عن الكهرباء وعن الفيزياء وعن النبات والحشره والفطر والفيروس
وأخري عن الحياه والروح والنفس والجسد وتصور لما بعد الموت ورحله داخل جسم الانسان وتري
عجب العجاب في تلك الحلقات التي تأخذك من أول دقيقه إلي أخر دقيقه
دون أن تمل ولا تتمني أن تنتهي ..
وكنا نظل في تلك الدهشه حتي نشاهد الحلقه التاليه في الاسبوع التالي !!
وكنا نذهب إلي مدارسنا في اليوم التالي ليس لنا حديث
إلا مناقشه الحلقه وما فهمناه وما أثار دهشتنا !


هكذا بدأت رحلتي مع دكتور "مصطفي محمود" كغيري من الناس ، بعد ذلك سمعت أنه قد ألحد !
ولم نكن نفهم وقتها ما معني الالحاد ، إلأ أن الشخص قد تخلي وخرج عن دينه ،
وسمعنا وقتها أنه أتي ببعض اجهزه التنصت ووضعها داخل أحد القبور
ليري ويسمع ما يحدث وما بعد الموت .
وأخدنا نردد ذلك كغيرنا ،
ولكن لا أعلم لماذا كان هناك شيئا داخلي لايصدق ذلك!!


وبعد ذلك بفتره توقف برنامج "العلم والايمان" لم نعرف حينها لماذا حدث ذلك ،
لكننا شعرنا أن هناك فراغا علميا وإمتاعا قد توقف..
وكأن هناك شيئا قد سُلب منا دون رغبتنا ودون أن نشعر !!
وإنقطعنا عن مشاهده العلم والايمان .. وإنقطع دكتور "مصطفي محمود " عنا .

وبعد ذلك بفتره كنت أتجول داخل مكتبه المدرسه وأتنقل بين الكتب فوجت وجها مطلا من علي غلاف أحد الكتب
فوجدته ذلك الوجه الذي إعتدت عليه و ألفته وأفتقدته..

فحملت الكتاب وذهبت به إلي أمينه المكتبه لأستعير ذلك الكتاب ، وهنا كانت أول معرفه لي وأول بابً أدخل منه
لكتب وأدب " مصطفي محمود" ، كان كتاب " 55 مشكله حب "

وكان كتابا شيقاً وقرأته في أستمتاع.

وبعد ذلك بعدة أعوام لا أعلم ما الذي ذكرني بدكتور " مصطفي محمود" وكتبه مره أخري
كان ذلك قبل وفاته بفتره تتجاوز العام .فسنحت لي الفرصه أن أقرأ له كتابا أحبه وأقرأهُ كثيرا
هو كتاب " رحلتي من الشك إلي الايمان " وتلاه كتاب " الافيون "

وكانت قرائتي لهذه الكتب معاصره لمرض والدي ثم بعد ذلك توفي والدي فإنقطعت عن القراءه ،
ثم بعد عدة أشهر من ذلك ..

إستيقظت ذات يوم علي خبر وفاته !!!

نعم أدركت وقتها أن ذلك الوجه الطيب الصادق لن يطل علينا مره أخري،
فأخذت أبحث عنه مره أخري فشاهدت العديد من الحقات التي شاهدتها في صغري والتي لم أشاهدها
في نهم وشوق غريب وكأني ألتهم وجبه لأ أود أن تنتهي .


وأخذت أبحث عن المزيد من كتبه فقرأت " القرأن كائن حي .حكايات نص الليل . السؤال الحائر .
أينشتين والنسبيه . الوجود والعدم . لغز الحياه . وبدأ العد التنازلي . الله والانسان
. وحوار مع صديقي الملحد . أناشيد الاثم والبراءه . الاحلام . مغامره في الصحراء .
الذين ضحكوا حتي البكاء . أكل العيش "
وإطلعت علي بعضا من كتبه الادبيه والقصصيه " كالعنكبوت.
والخروج من التابوت .وزياره للجنه والنار .والكثير والكثير من مقتطفات أخري
من كتبه ومقالاته
ولم أتوقف عن ذكره مع أصدقائي حتي أن أصدقائي قد أصابهم الاملال من ذكري له ،
ولكني أجد أننا عندما نتحدث في موضوع ما فأتذكر جزءا من كتاباته يتكلم ويحلل ما نتحدث فيه ..
وكأنه يجلس معنا !

ومنذ ذلك اليوم لم أتوقف عن القراءة له ، ولم أتوقف عن البحث عنه ،

ولا يزال داخلي حنين قديم إلي ناي " محمود عفت " وإلي رجل العلم والايمان .

رحم الله دكتور مصطفي محمود

ذلك الرجل الذي علمنا الكثير

رحم الله من مزج ووضح لنا العلم بالايمان

ذلك الرجل الذي بحث بحثا حقا بقلبه وعقله وحسه عن ربه

رحم الله الرجل
الذي عرف ربه

رحم الله عبده " مصطفي محمود"


إنتظروا الحلقه الثانيه .. .................


http://vimeo.com/15536262

الانتاج الأضخم للجزيره الوثائقيه للفيلم الوثائقي عن حياه دكتور مصطفي محمود

05‏/10‏/2010

ملل


بالرغم من تلك الحاله الشبيهه بالخصومه فيما بيننا ، قررت انا وهم الخروج للتنزه،


وبالرغم من نفوسنا المحمله بالضيق والغضب والحنق من بعضنا ، ولكننا قررنا ذلك


دون حساب أو سابق إنذار !


إنها إحدي حالات الملل التي نشعر بها كل فتره ، فلا أعتقد إني فريد من نوعي او غريب الاطوار

فكثيرا ما أشعر بالملل من أصدقائي ولكني لا أصرح بذلك لهم منعا لحدوث ضيق أو خصومه بيننا

أو أن يكون حديثا لا تنساه النفوس، فهذا هو ما نشعره الأن جميعا في نفس الوقت

، لكن هذا لا يمنع أن نري بعضنا بعضا ، وإن كنا جميعا

نشعر تجاه بعضنا بذات الاملال!!

وسرنا جميعا في صمت رتيب ، وكأننا ننتظر شيئا ً وكأن أيتنا ألا نكلم بعضنا أو الناس بعض الوقت!!


لكن لا يمنع ذلك من تجولنا سويا ولو لبعض الدقائق .


وكل منا سارحا في دنيا الله ، يجول في رأسه ما يختلف عن ما في عقل من بجانبه


لا نبغي شيئا ، ولا نقصد مكاناً محدداً !!


وظللنا نسير بخطى متهادية إلي أن وصلنا إلي مفترق الطريق ، فتوقفنا ونظرنا إلي بعضنا بعضا


ولم نجد ما يقال .. أو ما يستدعي ذلك !!


فحيينا بعضنا بالنظرات في صمت.. وإفترقنا كلُ في طريق


ومضي كل منا إلي غايته


تمت