04‏/05‏/2012

حكايتنا .. حكايه " الثيران الثلاثه "

اليوم وفي هذه الساعه تحديداً لم أعد أملك الكثير من الكلام.. لم أعد أريد توجيه اللوم والنقد لهذا وهؤلاء لم يعد لدي شهيه لأي شيء
لم أعد أريد أن أن أُذّكر أحداً بما لحق بنا من جراء أفعال هذه الجماعه أو أتباع هذا المنهج
لم أعد في حاجه للتحليل والتنظير والتفسير والتأويل ومحاكاه ما يحدث وتبادل الإتهامات وأخد موقع الدفاع تاره وتاره أخرى موقع الهجوم
لم تزل المشاهد تمر أمامي عن من تركنا وتخلى عنا في أوقاتنا العصيبه وفي أحلك أوقاتنا
وراهن على غيرنا  لكنها لم تشغل مساحه كافيه في عقلي في هذا التوقيت بالتحديد  
فمشهد الدماء التي صنعت مجرى في الشوارع تسير فيها كمياه الأمطار لم يفارق ذهني لحظه
الظهور العاريه المتهتكه المشوهه المخضبه بالدماء تشغل المساحه الكبرى من عقلي
الطلقات الغاشمه الطائشه التي تظهر من اللامكان لتستقر في رأس أو ظهر أحد جذور الوطن وزهوره لم ولن يساويها أي شيء .. مهما تكلمت أو حاولت الوصف .
أسماء جديده تضاف إلى دفتر الوفيات  من دون أن نعرف ماذا ربحنا الأن بعد أن مات السابقون لينيروا لنا الدرب
لم نفيق بعد من فراق من تركونا وذهبوا يشكون إلى الله
وهناك كل يوم روحاً تزهق بغير ذنب.. من دون ثمن .. ومن دون عائد .. ومن دون تكريم
فقط ربما يكون ذنبها هو رغبتها في حياه كريمه بعيداً عن الظلم والقهر .. ولكن بلا جدوى !
ولم ينير الدرب !


لكن السؤال الذي يجب أن نسأله الأن بكل جديه ونفكر فيه جيداً
لماذا وصلنا إلى هذا الحد .. ولماذا أصبحنا نُقتل ونَقتل بهذه السهوله
كيف أصبحت دمائنا تلون الشوارع  كبحر من النبيذ الأحمرهناك عطشى لرؤيته ولتجرعه
كيف أصبح يسيراً أن ينفرد بنا أحداً ليطيح بنا وينهي حياتنا بتلك البساطه
لا أعلم !


في الحقيقه بعد أن ظللت فتره لا أتابع فيها أي شيء
لا أقرأ الجرائد ولا أشاهد البرامج الحواريه ولا أستقي اي معلومات من أي مصدر
أصبحت " لفتره " إنسان سطحي للغايه لا يهمه شيء .. وكنت سعيداً بذلك
لا أريد أن أعرف شيئاً فقد سئمت تلك المسرحيه الهزليه التي لم ينتهي عرضها منذ عام وأكثر
لكن ما يحدث هذه الأيام ليس له معنى أخر سوى وضع الأحذيه أو " البيادات " بالأحرى على رقابنا وداخل أفواهنا وعلى كل مواضع الكرامه فينا ولن ننطق
ولن نعترض طالما تحت دعوى " حفظ الأمن "
فللجلاد حق الضرب والسحل والقهر والإعتقال والتعذيب
وتأجير من هم مؤهلين لممارسه العنف والقتل كمن يصنع كوباً من الشاي
من حقه أن يستخدم كل شيء حتى يخدم عمله الذي لا نعرف ماهو حتى الأن
كل ذلك بدعوى " حماية الوطن " .. كي يكون وطنا بلا مواطنين!


ما يحدث ذكرني بقصه تنطبق علينا نصاً هي قصه " الثيران الثلاثه"
دعوني أترككم مع القصه ولأذكركم
بأننا إن لم ننتبه لهذا المغزى
لسوف يكون مصيرنا أسوأ مما قد نراه في أسوأ كوابيسنا
وسأقولها كثيراً
وسيكون هذا هو العذاب الذي يحق علينا من الله لحماقتنا وإنعدام بصيرتنا
ربما هذا أسوأ من أن يستبدلنا الله
يتركنا غرقى في الجدل والجهل وإنعدام البصيره وتصلب العقل وتغلظ القلب
نكون كاليهود نهدم بيوتنا بأيدينا بل ونقتل أنفسنا بإيدينا
حتى يقول من يريد قتلنا .. أنه لم يفعل شيئاً
بل أنها بعض أعمال الشغب التي راح ضحيتها الكثيرين من الطرفين
أو بالتحديد " المستتر"  نجح مخططنا في إحداث الوقيعه حتى يقتل الناس بعضهم ونخرج نحن من دون إراقه قطره دم واحده
فقط لتتذكروا أنهم قالوا " أننا لم ولن نستخدم العنف ضد الشعب "
وها هم يستقبلوننا بالورود


تذكروا أنهم قالوا لنا " لابد أن يشارك الشعب "
وها هو الشعب يشارك بكل فاعليه ونشاط!


أترككم مع القصه عسى أن يرى أحداً منكم نفسه في القصه
وعسى أنها حكايتنا وتنتظرون نهايتها تحدث لنا .


....................


أشرقت الشمس في ذلك اليوم الجميل وراحت ترسل أشعتها الذهبية على تلك الغابة الخضراء الزاهية، كانت جميع الحيوانات تسعى بنشاط وسعادة لتجمع ما رزقها الله تعالى من الطعام؛ الطيور تنتقل من شجرةٍ إلى أخرى ومن مكان لآخر لتلتقط الحبَّ فرحةً مسرورة.. والسناجب تقفز من غصنٍ إلى آخر لتجمع ثمار الأشجار. وها هم الأصدقاء الثلاثة الثور الأبيض والثور الأحمر والثور الأسود يتناولون من حشائش الأرض وأعشابها مطمئنين فرحين وقد بدت أجسامهم كبيرة وقوية.


لكن أسداً كسولاً ظلَّ يغط في نومٍ عميق ولم يستيقظ إلا بعد أن ارتفعت شمس الضحى عالياً في السماء، نهض من نومه متثاقلاً وتوجه إلى بركة الماء وشرب منها قليلاً ثم شعر بالجوع الشديد لأنه لم يذق الطعام منذ أيام.


ثم وقف يطيل النظر إلى حيوانات الغابة وهي تتحرك هنا وهناك قد غمرتها السعادة، فوقع نظره على الثيران الثلاثة وبدأ يتحدث مع نفسه:


ـ ايه... إن بطني الخالية لا يملؤها إلا هذه الثيران السمينة الشهية، كلما نظرت إليها ازداد جوعي وسال لعابي، ولكن ماذا أفعل؟ أنها قوية ولا تتفارق أبداً ولا أستطيع أن افترسهم ما دامت متحدة!


لا بد أن أدبر حيلةً وأفرقهم، فما أفعل يا ترى؟!


راح الأسد يفكر ويفكر طويلاً، ثم بعد مدةٍ ضحك قائلاً:


ـ وجدتها.. وجدتها ها... ها... ها.


اقترب شيئاً فشيئاً من تلك الثيران القوية وخاطبها قائلاً:


طاب صباحكم يا أصدقائي الثيران الأعزاء.


ـ طاب صباحك أيها الأسد.


ـ ما أجمل صداقتكم وحبكم لبعضكم، أتمنى أن أكون صديقكم.


ـ ونحن نتمنى أن نكون أصدقاءك أيها الأسد.


وحينما سمع الأسد هذا الكلام الجميل من تلك الثيران، وقف ينظر إليهم قليلاً، بينما راح الثور الأبيض يبتعد مشغولاً بالأكل، عندها اقترب الأسد من الثور الأسود والثور الأحمر وهو ينظر عن يمينه وشماله حتى لا يراه أحد، وقال بصوت منخفض:


ـ أيها الثور الأسود القوي، يا صديقي الثور الأحمر الشجاع، أريد أن أتحدث إليكما بأمرٍ مهمٍ جدأً، انه سرٌ خطير.


ـ ماذا تقول أيها الأسد، أمر مهم، سرٌ خطير؟!


ـ نعم، إنه أمرٌ تتوقف عليه حياتكم وحياة بقية حيوانات الغابة.


ـ ما هو هذا الأمر تكلم أيها الأسد؟!


ـ انظرا إلى الثور الأبيض، ما أشد بياضه، وما أكبر جسمه.


ـ ماذا تريد أن تقول أيها الأسد؟!


ـ أريد أن أقول لكم: إن هذا الثور بلونه الأبيض يجعل غابتنا هدفاً للوحوش والحيوانات المفترسة الأخرى، وأخاف أن تهجم علينا الحيوانات المفترسة إن بقي معنا في الغابة.


ـ وما العمل أيها الأسد؟


ـ عندي حل، ولكن ارجو أن توافقاني عليه.


ـ ما هو الحل أيها الأسد؟


ـ ها... آ... دعونا نتخلص من هذا الثور الأبيض ونرتاح من خطر وجوده معنا.


ـ ولكن... كيف نتخلص منه؟


ـ عندي الطريقة المناسبة.


وبعد لحظاتٍ من الصمت، نظر الثور الأسود إلى صاحبه الثور الأحمر ولم يتكلم أحد منهما، حينها قال الأسد:


يا أصدقائي الأعزاء، إنما أريد أن ادفع الخطر عنكم وعن بقية حيوانات الغابة.


عند ذلك تقدم الثور الأسود وقال:


ـ إن كان ما تقوله صحيحاً ـ أيها الأسد ـ فأنا موافق. ما هو رأيك أيها الثور الأحمر؟


ـ أنا أيضاً لا مانع عندي من ذلك، فوجود الثور الأبيض يعني وجود الخطر في غابتنا.


ابتسم الأسد ابتسامةً ماكرة، وهو ينظر إلى الثور الأبيض من بعيد ويخاطب نفسه قائلاً:


ـ نجحت الخطة. ايه أيها الثور الأبيض السمين استعد للموت ها... ها... ها..


ومضت الأيام ولم يبق في الغابة من الثيران غير الثور الأحمر والثور الأسود بعد أن افترس الأسد الماكر ذلك الثور الأبيض ولم يبق منه إلا العظام. وفي ذات يوم وبينما كان الثور الأسود يأكل في مكان من الغابة والثور الأحمر يأكل في مكان آخر قريب منه، اقترب الأسد الماكر وقال:


ـ طاب صباحك أيها الثور الأسود القوي.


ـ طاب صباحك أيها الأسد.


ـ كيف حال صديقك الثور الأحمر هذا اليوم؟


ـ إنه بخير.


ـ أيها الثور الأسود، انظر إلى الثور الأحمر، ما أكبر جسمه وأقواه لأنه يأكل العشب الطري الجيد، وأنت لا تأكل إلا العشب الرديء، لذا فإن جسمه يقوى ويكبر بسرعة، واظن انه اقوى منك، وقد قال لي قبل أيام إنه أقوى حيوان في الغابة.


ـ ها... هو قال ذلك؟!


ـ نعم، ويقول إني أقوى من صاحبي الثور الأسود واشجع منه.


ـ أنت سمعته يقول ذلك أيها الأسد؟!


ـ نعم يا صديقي.. نعم.


ـ إذن سأذهب إليه، وسترى أيها الأسد من هو الأقوى والأشجع.


انطلق الثور الأسود بسرعة نحو الثور الأحمر، وما أن وصل إليه فاجأه بضربةٍ من قرنه القوي فغضب الثور الأحمر لذلك ووجه ضربة مماثلة برأسه الكبير إلى الثور الأسود، واشتد القتال بينهما وما هي إلا ساعة حتى سقط الاثنان وقد غطت أجسامهما الدماء من أثر الجراح، ولم يستطيعا النهوض أو الحركة.


استنجد الثور الاحمر بالاسد ....


وطبعاً لم يجد الاسد فرصة احسن من هذه الفرصة فهجم على الثور الاسود والتهمه


وبعد لحظات جاء الأسد الماكر ووقف عند الثور الاحمر وضحك ضحكةً عالية وقال:


ـ بالأمس كنتم أقوياء لأنكم متحدون ويحب أحدكم الآخر، أما اليوم فقد ذهبت قوتكم لتفرقكم واختلافكم، فأصبحتم فريسةً سهلة لأعدائكم


- عندها ايقن الثور الاحمر الخطأ الذي وقع فيه هو واصدقاءه الثيران


وقال مقولته الشهيرة:


((( أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ))


.....


الحكايه منقوله من منتدى "حلول"رابط الحكايه http://e.holol.net/vb/showthread.php?t=15443